دور المعلم الأول في تهيئة البيئة الحافزة على النمو المهني للمعلمين
--------------------------------------------------------------------------------
المقدمة
نمو المعلم المهني من أهم المحاور التي يرتكز عليها مفهوم الإشراف التربوي، إن لم يكن أهمها على الإطلاق. فالإشراف التربوي ـ باختصار ـ ما هو إلا عملية تقليل الفارق بين وضع المعلمين الحالي والوضع المثالي الذي نتطلع له. ولتؤتي برامج النمو المهني ثمارها لابد من توافر وتكامل عناصر عدة، من أهمها وجود بيئة تربوية داعمة لنمو المعلمين وحافزة له.
البيئة التي يجد المعلم نفسه فيها مدفوعا للتعلم والنمو والبحث عن الجديد تعلما وتطبيقا. إذ إن فقدَ هذه البيئة سبب لقصور كثير من برامج النمو المهني عن تحقيق أهدافها.
بشكل عام، هناك ثلاث عناصر تتحكم في مستوى الأداء وهي الدافعية للعمل والقدرة المتوفرة لدى العامل بالإضافة إلى البيئة التي يؤدى فيها العمل.
الأداء = القدرة + الدافعية + البيئة
فبدون دافعية تؤجج رغبة المعلم للإنجاز لا يمكن له تحقيق أمر ذي بال، ودون القدرة، التي منها ما هو فطري ومنها ما هو مكتسب، أيضا لا يمكن أن يصل الإنسان لما يضعه من أهداف. والبيئة هي المجال الذي يحتوي هذين العاملين وتهيئ لهما سبل النجاح.
قال الإمام الشافعي:
تعمدني بنصحك في انفرادي ..... وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع ..... من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي ..... فلا تجزع إذا لم تعط طاعه
تعريف البيئة المدرسية
كل ما يمس أفراد المدرسة حسيا أو معنويا داخل المدرسة أو يؤثر عليهم.
وهي تنقسم إلى قسمين:
· بيئة محسوسة، تشمل مبنى المدرسة ومرافقها وتجهيزاتها
· بيئة تربوية (تعليمية)، تتكون من تواصل وتفاعل عناصر المدرسة الأربعة:
1. مدير المدرسة مع الهيئة الإدارية.
2. المشرف التربوي مع المعلم الأول
3. المعلمون (ويدخل فيهم الأخصائيون المساندون لعمل المعلم،ومعلم صعوبات التعلم)
4. الطلاب
فالبيئة التربوية: هي الحالة النفسية والاجتماعية التي تنشأ من مجموع التفاعلات الإنسانية والإدارية داخل هذه المنظومة. ومع اشتراك هذه العناصر في توفير هذه البيئة إلا أنه يبقى للمعلم الأول الدور الأكبر بوصفه قائدا تربويا ومنسقا للعمل التربوي.
إن برامج النمو المهني ما هي إلا بذرة تحتاج إلى بيئة مناسبة لتؤتي ثمارها.
ولأن يتفاعل المعلمون مع برامج النمو المهني يجب أن يشعروا بأن مناخ المدرسة التربوي يحث على الإبداع وإظهار المهارة.
وللبيئة التربوية الدافعة للنمو سمات وخصائص ينبغي على المعلم الأول السعي لتحقيق أعلى المستويات الممكنة منها، لتوفير أكبر فرصة ممكنة لنجاح البرامج التطويرية.
خصائص البيئة التربوية الداعمة للنمو المهني:
1ـ الحرية
لكي يبدع المعلم لا بد من وجود هامش كبير من الحرية له في المدرسة. واعني هنا بالحرية أحقية اتخاذ القرارات التي تتعلق بالعملية التدريسية داخل الفصل. فالمعلم المقيد لا يمكن أن يندفع نحو الابتكار والتجديد. فشيء من الحرية ضروري للبيئة التربوية لينمو المعلم. فطالما أن المعلم لا يرى في دوره إلا السير على كتاب المعلم والتقييد بتعليمات المعلم الأول أو المدير فلن يلتفت كثيرا لنموه المهني ولن يهتم ببرامج النمو المهني ولن يتعامل معها بجدية.
المعلم الذي ينعم بقسط مناسب من الحرية يتطلع إلى كل ما ينمي قدراته لأنه في ظل هذه الحرية يعلم أن عليه أن يتخذ القرار، وأن عليه أن يتحمل تبعة ومسئولية هذه الحرية التي أعطيت له.
2ـ إيجاد حد أدنى من الرضا الوظيفي لدى المعلم:
الرضا الوظيفي هو الموقف العاطفي والانفعالي الذي يتكون لدى المعلم تجاه عمله والمستوى المعقول من الرضاء الوظيفي ضروري ليتهيأ المعلم نفسيا وعقليا لتقبل التطوير وللتفاعل مع برامج النمو المهني. وكلما زاد مستوى الرضا الوظيفي كلما ارتفع مستوى الدافعية وازداد معدل الإنجاز لدى الفرد. 3 ـ قبول التغيير: من أكبر عوائق النمو المهني ظاهرة مقاومة التغيير. وهي في الوقت نفسه من أكبر التحديات التي تواجه المعلم الأول وليس من المبالغة إذا قلنا إن حقيقة عمل المعلم المُشرف الأول إنما هي إحداث "تغيير" في أداء المعلمين والمدرسة بشكل عام. فطبيعة الإنسان تنفر دائما من التغيير وتحب الركون إلى الأمر المألوف.
فمن مهام المعلم الأول المُشرف إيجاد حالة من قبول التغيير وربما السعي له داخل المدرسة، مما يساعد على إحداث التغير المطلوب في أداء المعلمين.فلكي تتهيأ البيئة التربوية الحافزة على النمو المهني للمعلم لا بد من تذليل عوائق التغيير والتخلص من العوامل التي تساعد على تأصل هذه الظاهرة.