إ ضرورة إ براز التأصيل الإسلامي لحقوق الإنسان الثقافية.
الكشف عن أن مسألة حقوق الإنسان مسألة يجب أن تختص بها مؤسسات المجتمع بدءاً من الأسرة، والمدرسة، والجامعة، والإعلام بشقيه (المسموع –المقروء- المرئي) وبما يضمن تنمية الفرد والمجتمع تنمية كاملة على أساس الحرية، والعدل، والسلام
الكشف عن ضرورة دمج حقوق الإنسان في مناهجنا الدراسية التعليمية.
الممعن في النظر لعالمنا اليوم يرى أنه عالم غارق في أوحال المادية، والذي أصبح في حاجة ماسة إلى من يسمعه صوت السماء، وينقذه من الضياع، ويشق له الطريق إلى السلام الآمن من غير خوف ضمن أسرة دولية إنسانية واحدة جعلهم الله-سبحانه وتعالى– شعوباً وقبائل؛ ليتعارفوا، وليتعاونوا على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان كما دعا إليه صريح القرآن الكريم حيث نادى البشر قائلاً: )يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ( (الحجرات: 13) وقال تعالى: )وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ( (المائدة: 2)؛ لأن التعاون على الإثم والعدوان يمحو كل كرامة للإنسان، فجاءت شريعتنا الإسلامية الحنيفة. ولأن من المفيد لهؤلاء الذين يتحدون الإسلام وشريعته السمحاء أن يسمعوها منا، وأن يفكروا فيها فالقرآن الكريم قال في ذلك )وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ( (التوبة: 11)، وتارة قال: )كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ( (يونس: 24) وتارة قال: )كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ( (الروم: 28) وقرآننا الكريم هو ما يتفق مع العلم والعقل والتفكير! وطالما أن شريعتنا الإسلامية تتفق مع العلم والعقل والتفكير فهي قادرة على مسايرة تطورات هذا العالم المتجدد وأن تجيب في ضوء المصلحة عن كل مسألة تتعلق بهذا الإنسان.
ثقافة حقوق الإنسان على رأس الأولويات التعليمية والتربوية. وأول أبواب التوعية بحقوق الإنسان تبدأ من داخل الأسرة، والمدرسة، والجامعة
حقوق: الحق لغة: مصدر نقيض الباطل قال تعالى: )وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ( (البقرة:42) وتجمع على حقوق وحقاق(). وأصل الحق المطابقة والموافقة كمطابقة الباب في حقه لدورانه على الاستقامة().
والحق شرعاً: الحقوق في الشريعة تنقسم باعتبار ما يضاف إليه الحق، أما حق الإنسان فهو أكثر من أن يخص وينقسم إلى عام وخاص، فالعام ما ترتب عليه مصلحة عامة للمجتمع من غير اختصاص بأحد في مثل: التعليم – المساواة –القضاء... أما حق الإنسان الخاص فهو ما تعلقت به مصلحة خاصة بالفرد كحقه في إدارة عمله، وحق الزوج على زوجته... ().
الحق في القانون الوضعي:
تنقسم الحقوق في القوانين الوضعية إلى تقسيمات مختلفة باختلاف المعنى الذي تدور حوله فمنها حقوق سياسية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية... ().
حقوق الإنسان:
يقول محمد النجيمي المقصود بحقوق الإنسان: (تلك المبادئ والقوانين العامة التي اتفقت عليها الأديان، والقوانين الدولية فيما يتعلق باحترام الإنسان في مجال عقيدته، وحريته، وثقافته، وفي مجال حقوق المرأة والطفل، والقضايا السياسية، وحرية التفكير... وهي حقوق كفلتها الشريعة الإسلامية وجميع الأديان والقوانين الدولية) ().
ويرى الزحيلي أن المراد بحقوق الإنسان حماية مصلحة الشخص سواء أكان حقاً عاماً كتحقيق الأمن، وقمع الجريمة، ورد العدوان، والتمتع بالمرافق العامة. أم خاصاً كحق الزوجة في النفقة وحق الأم في الحضانة لطفلها، وحق الأب في الولاية على أولاده ونحوه...().
وعبر الشوربجي عن حقوق الإنسان بقوله: " أنها حرمات الله –سبحانه وتعالى – فهو الذي تفضل بها على الإنسان؛ ولأن حمايتها والذود عنها قربى لله تعالى فلا يجوز لصاحبها أن يفرط فيها"().
ويرى الباحث بأنه يمكننا القول: " بان حقوق الإنسان تتمثل في المعايير الأساسية التي تفضل بها الله - سبحانه وتعالى – على العباد وبما يكفل للناس كافة أن يعيشوا بكرامة كبشر ".
الثقافة:
الثقافة لغة: جاء في لسان العرب: ثقف الشيء ثَقفاً وثِقافاً وثُقوفة: حذقه، ورجل ثقُفَ وثقِفٌ حاذق وفهم، ويقول ابن دريد ثَقِفتُ الشيء حذقته، وثقفته ظفرت به قال تعالى: )فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم( (الأنفال:57) والتثقيف هو التهذيب، والتشذيب والحذق، والتقويم، والفطانة().
اصطلاحاً:تعني كل ما اكتسبه الإنسان من خلال تفاعله مع الآخرين، واكتسابها عملية عقلية تقوم على التعليم والتعلم وبالتالي فهي تراكمية تنتقل من جيل إلى جيل().
ويرى غازي الصوراني بأن الثقافة " تطلق على جميع الأفعال والمتغيرات التي تعطي المجتمع طابعاً خاصاً بما في ذلك طريقته في النظر إلى الحياة، والتعامل معها().
ويرى الباحث أن الثقافة: "مخزون تراكمي مركب نتيجة لمحصلة العلوم والمعارف والأفكار والمعتقدات والفنون والآداب، والأخلاق والقوانين، والأعراف والتقاليد والموروثات التاريخية واللغوية والبيئية التي تشكل فكر الإنسان وتمنحه من الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية فتصوغ سلوكه في الحياة ".
نظرية حقوق الإنسان لن تحقق بالشكل المثالي إلا في ظل نظام سياسي إسلامي يحكم بكتاب الله وسنة نبيه المصطفى –r–.
حقوق الإنسان حقوق ثابتة أبدية لا تقبل حذفاً، ولا تبديلاً، ولا نسخاً، ولا تعطيلاً؛ لأنها حقوق شرعية
خلصت الدراسة إلى:
أن الإسلام اعتبر المرأة النصف الآخر للإنسان فبوأها مكانة سامية وأكرمها بنتاً، وزوجةً، وأماً فأعطاها حق الحياة كالرجل، والتصرف بالملكية، وحق العمل الشريف الذي يحفظ كرامتها.
ومن أبرز توصيات الدراسة: العودة الصحيحة إلى الشرع الحنيف والاستفادة منه في بعض القضايا والمعضلات التي تخص المرأة.
* دراسة رمضان الزيان() (المؤتمر التربوي الأول– التربية في فلسطين ومتغيرات العصر المنعقد في الجامعة الإسلامية 2004م) بعنوان ملامح التربية السياسية في ضوء السنة النبوية هدفت الدراسة إلى تأصيل مفهوم التربية السياسية للمسلم في جميع مراحله العمرية والتعرف على أهم المؤسسات التربوية التي قامت بالتربية السياسية في العصر النبوي بغية الإسهام في تصحيح المفاهيم التربوية والقيام بعملية التربية الإسلامية الصحيحة
منهج الدراسة: استخدم الباحث المنهج الاستقرائي حيث قام الباحث بجمع النصوص الحديثة من مصادرها الأصلية بطريقة النظام المحوسب أو اليدوي كما استخدم المنهج النقدي في التعامل مع النصوص المجموعة والحكم عليها من حيث القبول أو الرد، كما استخدم أيضاً المنهج التحليلي في فهم الأقوال أو الأفعال، والمواقف الواردة في النصوص، والاستنباط منها وربطها بالواقع السياسي للأمة في العصر الحالي.
ومن أبرز التوصيات التي أوصت بها الدراسة:
العمل على إيجاد تنشئة صحيحة للطفل المسلم من خلال المناهج الدراسية التي تقدم لهم، وتطوير تربية الأسرة لأبنائها سياسياً.
العمل على قيام المؤسسة التعليمية الرسمية وغيرها بإحداث التربية السياسية المطلوبة وبما يتناسب وحجم الدور المطلوب منها.
موقف الإسلام من العلم:
الإسلام بالعلم بأوسع آفاقه الروحية والمادية كأساس لكرامة الإنسان لذلك نجد أن القرآن الكريم رفع من شأن العلم فقال: )قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ( (الزمر: 9) وقال: )إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء( (فاطر: 28) وقال المصطفى – r-: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"() فالعلم الطريق إلى معرفة الله وعبادته، وعمارة هذه الأرض بسلام فأطلق الإسلام على مجمل دعوته القائمة على هذا الأساس أنها دعوة إلى الحياة، وآخى بين الدين والعلم، والدين والعقل، وبين الدين والفكر، وبالجملة آخى بين الدين والحياة. كما أكدت في ذلك آيات عديدة في القرآن الكريم خاصة ما جاء في قوله تعالى: )اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ( (الأنفال:24).
في ضوء هذا المفهوم الواسع نجد أن العلم الشامل في الإسلام أساس لكرامة الإنسان. والكرامة أمام الله من غير تمييز بين إنسان وإنسان إلا بالتقوى: )إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ( (الحجرات: 13).
رابعاً: موقف الإسلام من مشكلة الأمية (كحق ثقافي للإنسان):
بدأ الإسلام منذ ظهوره بمعالجة الأمية قبل أية مشكلة من مشاكل الحياة وبشكل سريع ففرض الرسول – r– العلم على كل مسلم ومسلمة وقال: " طلب العلم فريضة على كل مسلم"() أي على كل من أسلم ويشمل هذا الذكر والأنثى،ثم فتح لهم آفاق السموات والأرض للنظر فيها. قال تعالى: )قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ( (يونس: 101).
جعل المصطفى – r- في أول حرب للإسلام مع المشركين فدية الأسرى -المتعلمين منهم– تعليم عشرة من المسلمين جزاء فكاكه من الأسر معتبراً القراءة والكتابة مفتاح العلم ولهذا ضرب المصطفى– r– مثلاً لم يسبقه إليه أحد من العالمين إذا علمنا حاجة المسلمين الشديدة في ذلك الوقت للمال قبل حاجتهم للعلم بل ومضى الرسولr-- بقول العالم والمتعلم شريكان في الخير ولا خير في سائر الناس بل يقول مفضلاً الزيادة في العبادة: "ما اكتسب مكتسب مثل فضل علم يهدي صاحبه إلى هدى أو يرده عن ردى وما استقام دينه حتى يستقيم عمله" وفي رواية حتى يستقيم عقله. فكان لهذا الإعلان النبوي طلب العلم فريضة دينية على كل مسلم أثراً عجيباً في نفوس المسلمين كوَّن فيهم غراماً بالتعليم، وبعث فيهم باسم الدين نشاطاً لطلب العلم أصبح مثلا وحيداً في التاريخ ويؤكد هذا (كوستاف لوبون) في كتابه (حضارة العرب) قائلاً: "شَغَفُ المسلمين العرب بالعلم منبعث عن الدين نفسه وقال في ذلك: إن العلم الذي استخفت به أديان أخرى قد رفع المسلمون من شأنه عالياً، وإليهم ترجع حقيقة هذه الملاحظة الصائبة القائلة باسم الدين": إنما الناس هم الذين يتعلمون والذين يعلمون وأما من عاداهم فمضر لا خير فيه"().
وقال أيضاً: "كان المسلمون إذا ما استولوا على مدينة وجهوا عنايتهم في الدرجة الأولى إلى تأسيس مسجد أو إقامة مدرسة. وما أظن من سبقهم لهذا بل وأكد في كتابه بقوله: لقد بلغ شغف المسلمين العرب بالتعليم مبلغاً عظيماً حتى أن خلفاء بغداد كانوا يستعملون كل الوسائل لجذب العلماء إلى قصورهم".
ولم يفرق الإسلام بين الرجل والمرأة في التعليم والثقافة، بل أباح للمرأة أن تحصل على ما تشاء الحصول عليه من علم، وأدب، وثقافة، وتهذيب ولا يفرق الإسلام في حق التعليم والثقافة بين الحرة والأمة فقد روى البخاري في صحيحه عن برده عن أبيه قال: قال رسول الله -r - " أيما رجل كانت عنده وليدة (أي جارية) فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران"().
خامساً: حرية الرأي والتعبير:
أكبر مظهر لحرية الرأي في الإسلام الاجتهاد في الرأي، وبذل أقصى الجهد العلمي له. ومن الأحاديث النبوية التي تدل على ذلك قول الرسول- r - لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى بلاد اليمن:" كيف تصنع إذا عرض لك قضاء؟ فقال: أقضي بكتاب الله. قال: إن لم يكن في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله. قال فإن لم يكن في سنة رسول الله؟ قال أجتهد رأي ولا ألو. قال فضرب رسول الله -r- ثم قال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله كما يرضي رسول الله"().
القيود الواردة على حرية الرأي:
الإسلام لا يكبت طاقة من طاقات الانسان الفكرية كانت، أو روحانية، أو جسدية إلا أنه لا يطلق العنان لهذه الطاقات بصورة مطلقة تنشط بأية طريقة وإنما دأب على تهذيبها وترشيدها لما فيه مصلحة الانسان على هذه الأرض. ومن مظاهر هذا الترشيد الهادف:
● رد الاختلاف عند التنازع بين أصحاب الرأي إلى كتاب الله وسنة رسوله -r-: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً( (النساء 59).
ألا يكون إبداء الرأي من أسباب إثارة وشيوع الفساد في البلاد والتشهير بالآخرين، أو المس بالأمن العام للدولة فقد نهى الإسلام عن الفساد في الأرض عموماً بكل طرائقه، ووسائله، وأشكاله )فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ( (الأعراف 74).
وسائل إبداء الرأي:
من أهم مظاهر حرية الرأي والتعبير عنه بحرية الإعلام (المقروء-المسموع
–المرئي) وقد قيل عن الصحافة بأنها السلطة الرابعة في الدول الديمقراطية().
وإذا كان الإسلام يتيح للإنسان أن يبدي رأيه فلا يمكن أن يمنعه من حقه عن التعبير- كما سبق- وفي اختيار الوسيلة المناسبة لإيصال هذا الرأي طالما لم يكن في ذلك مخالفة شرعية. تلك هي نظرة الإسلام إلى الحقوق الثقافية للإنسان في الإسلام التي تستوجب منا جميعاً العمل على حفظها وتفعيلها؛ صوناً لكرامة الانسان.
الحقوق الثقافية في المواثيق الدولية
أولاً: الاتفاقيات الدولية الخاصة بالحقوق الثقافية للإنسان():
جاء في الفقرة الأولى من المادة (26) من الميثاق الدولي لحقوق الانسان ونصها (كل فرد له حق التربية والتعليم).
جاء في الفقرة الثالثة من هذه المادة ونصها" أن الآباء لهم الحق في المقام الأول باختيار نوع التربية لأبنائهم.
جاء في الفقرة الثانية من هذه المادة " أن التربية يجب أن تهدف إلى التفتح الكامل لشخصية الإنسان، وإلى دعم الاحترام لحقوق الانسان وحرياته".
جاء في الفقرة الأولى من المادة (13) أن الدول الأطراف في هذه الاتفاقية تعترف بحق كل فرد بالتربية، وتتفق على وجوب توجيه التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بكرامتها، وإلى توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وهي متفقة على وجوب استهداف التربية والتعليم؛ ليتمكن كل شخص من الإسهام بدور نافع في مجتمع حر وتوثيق أواصر التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم ومختلف السلالات أو الاثنية أو الدينية ودعم الأنشطة التي تقوم بها الأمم المتحدة من أجل صيانة المسلم مما يتطلب هذا الحق.
جعل التعليم الابتدائي مجانياً وإتاحته للجميع.
تعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه (تقني، مهني) وجعله متاحاً للجميع، والأخذ بمجانية التعليم تدريجياً.
جعل التعليم العالي متاحاً للجميع على قدم المساواة تبعاً للكفاءة والأخذ بمجانية التعليم العالي تدريجياً.
تشجيع التربية الأساسية أو تكثيفها إلى أبعد مدى ممكن من أجل الأشخاص الذين لم يتلقوا أو لم يستكملوا الدراسة الابتدائية.
العمل على إنماء شبكة مدرسية على جميع المستويات وإنشاء نظام منح وافٍ بالغرض، ومواصلة تحسين الأوضاع المادية للعاملين في التدريس.
التعهد باحترام حرية الآباء أو الأوصياء في الاختيار لأولادهم مدارس غير المدارس الحكومية وفي ضمان التربية الدينية والأدبية وفقاً لقناعتهم الخاصة.
ما جاء في البروتوكول رقم (1) المضاف لاتفاقية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية الصادر عن حكومات المجلس الأوروبي ونصها " لا يجوز أن يرفض حق أحد في التعليم وأن الدولة ستحترم في ميدان التربية والتعليم حق الآباء في ضمان التربية والتعليم وفقاً لعقائدهم الدينية والفلسفية.
ما جاء في الفقرة الثانية عن المبدأ السابع من تصريح حقوق الطفل ونصها أن المصلحة العليا للطفل هي المرشد لأولئك الذين يحملون مسؤولية تربيته وتوجيهه. وأن هذه المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على أهله.
المادة (15) تقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن من حق كل فرد:
أن يشارك في الحياة الثقافية.
أن يتمتع بفوائد التقدم العلمي وتطبيقاته
أن يفيد من حماية المصالح المعنوية والمادية الناجمة عن أي أثر علمي أو فني أو أدبي من صنعه.
تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام الحرية التي لا غنى عنها للبحث العلمي والنشاط الإبداعي.
أبرز خصائص الحقوق الثقافية للإنسان في المواثيق الدولية:
نرى في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان أهدافاً نبيلة يمكنها أن تحقق متطلبات الإنسان في حقه الثقافي ويعيش بأمن وسلام. ومن الأهمية بمكان حماية وتطوير هذه المؤسسات وهذه الأهداف النبيلة بتزويدها بضمانات تتيح لها تحقيق أهدافها النبيلة بطريقة فاعلة وهي تحقيق أحلام الإنسان التي تضمنها القرآن الكريم الذي يحث الناس على التعاون لفعل الخير وليس التعاون لغاية ارتكاب اعتداءات شريرة )وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ( (المائدة: 2).
ونحن كمسلمين نرفض النظريات الفارغة ونؤمن بأن النصر النهائي هو انتصار العقل على التعصب ومستقبل أفضل للجنس البشري. وقد دعا القرآن إلى وحدة الجنس البشري عن طريق التنوع والتعدد )وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً( (هود: 118). فالإسلام يقبل التنوع والتعددية ويعتبرها جزءاً طبيعياً في هذه الحياة والهدف من هذا التنوع هو تعارف الناس وتعاونهم مع بعضهم بعضاً وبالتالي القضاء على التمييز بين الناس على أساس اللون أو العرق أو الجنس فأفضل الناس من كان أكثر فائدة للآخرين.
ويمكننا تلخيص أبرز خصائص الحقوق الثقافية للإنسان في المواثيق الدولية بما يلي:
أن لكل إنسان الحق في التربية والتعليم ولا يجوز أن يرفض له هذا الحق.
أن التربية والتعليم تهدف إلى التفتح الكامل لشخصية الإنسان والشعور بكرامته وإلى دعم الاحترام لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
أن للآباء في المقام الأول الحق في اختيار التربية الدينية لأولادهم حسب عقائدهم.
أن المصلحة العليا هي وحدها التي ترشد المسؤولين عن تربية الطفل وتوجيهه.
5-أن مجمل الحقوق الثقافية التي دعت إليها المواثيق الدولية حق خاص وليست فريضة عامة والدليل النص قولاً " لا يجوز أن يرفض حق أحد في التعليم " إذ من المتفق عليه في مبادئ الحقوق العالمية أن لكل إنسان ذي حق أن يتنازل عن حقه الخاص، ونتيجة لذلك فإن تنازله عن حقه الخاص لا يشكل جرماً لأنه لا يمس إلا شخصه. وفي هذا إضعاف لهذا الحق في التعليم الذي هو ضرورة أساسية لحياة الإنسان ونزولاً لمستوى الوصايا من غير ضامن من ضمانات التنفيذ لهذه الوصايا خاصة متى لاحظنا الهدف لهذا الحق الثقافي كما نصت المواثيق الدولية بقولها:" أنه تفتح شخصي لشخص الإنسان ولكرامته " دون أية إشارة إلى أنواع علوم الحياة الشاملة.وضرورتها لحياة الفرد والمجتمع خاصة الإيمان بالحقيقة العلمية الأولى لمصدر الوجود، وخالق السموات والأرض ومن فيهن، ومبدع الإنسان مع وجوب الخضوع لتعاليمه. وفقدان هذا الإيمان بالله عز وجل كهدف أساس من أهداف حقوق الإنسان الثقافية لدى الأمم المؤمنة بالله تعالى يضيع حقوق الفرد وحرياته ويجعلها في خطر...
أبرز خصائص الإنسان الثقافية في الإسلام:
إذا أمعنا النظر في النصوص الإسلامية لحقوق الإنسان الثقافية نجدها تتميز بما يلي:
ورد التعبير عن الحقوق الثقافية في الإسلام بأنها (فريضة) وبالتالي لا يجوز التنازل عنها فهي ليس مجرد حقوق للإنسان كما أعلنته المواثيق الدولية.
هذه الفريضة تقع في آن واحد على عاتق الفرد والجماعة وكلاهما مسؤول عن تنفيذ هذه الفريضة. فهي فريضة حيوية عامة لا يجوز لأحد إهمالها وليست حقوقاً خاصة تسقط بإهمال صاحبها بها.
هذه الفريضة تتمتع في الإسلام بضمانات جزائية وليست مجرد توصيات أو أحكام أدبية لا ضامن لها كما هو الأمر في مواثيق المنظمات الدولية. إذ للسلطة الحاكمة في الإسلام حق الإجبار على تنفيذ الفريضة ومعاقبة المتخلفين عن التنفيذ خلافاً للمواثيق الدولية التي تعتبرها حقاً شخصياً مما لا يمكن المعاقبة عليه إذا تنازل صاحبه مما دفع المجلس الأوروبي 1950 بإحداث محكمة لحماية حقوق الإنسان وحرياته.
المواثيق الدولية لحقوق الإنسان تعطي أولياء الأمور الحرية في اختيار نوع الثقافة والتربية التي يختارونها لأولادهم حسب عقائدهم خلافاً للنظم العلمانية والنظم غير الديمقراطية التي تفرض وحدها الثقافة والتربية وحرمان أولياء أمور الطلاب من ممارسة حقهم المعترف به في حقوق الإنسان بل مصادرة عقول الأطفال والشباب وإخضاعهم في العقائد إلى فلسفة النظم الحكومية وحدها، وإبعادهم عن التوجه الشرعي المعترف به في مواثيق حقوق الإنسان مما حدا بكبار الحقوقيين أمثال السيد تيكن في الاجتماع التأسيسي لمجلس أوروبا قوله: "يجب أن يحرم رسمياً مصادرة الطفولة والشبيبة من قبل النظم غير الديمقراطية"().
الإسلام فتح جميع آفاق السماء والأرض للبحث والعلم بمختلف علوم الحياة وأنواع التكنولوجيا؛ من أجل الاعتراف علمياً بخالق هذا الكون ومبدع الإنسان مما يجنب علوم التكنولوجيا أن تكون مادية نفعية فقط، بل لتكون أداة حقيقية في تغذية الروح إلى جانب مصالح الجسد وتقريب الإنسان من خالقه، وبذلك ينقذ نفسه من الضياع ومن أوحال المادية البحتة.
مجمل القول لحقوق الإنسان الثقافية في الإسلام أن هذه الحقوق واجبات حتمية محمية بالضمانات التشريعية والتنفيذية وليست حقوقاً طبيعية للإنسان ووصايا تدعى الدول لاحترامها، والاعتراف بها من غير ضامن لهذا !
دور التعليم العام والتعليم العالي:
دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة 1968م إلى تدريس حقوق الانسان بالتدريج في المقررات الدراسية لطلاب المرحلة الابتدائية، والثانوية بهدف تعزيز العدل الاجتماعي.
وفي مؤتمر طهران 1968م تقرر أن تدعى جميع وسائل التعليم من أجل إتاحة الفرصة للشباب كي يشب على روح احترام الكرامة الإنسانية، وبالتساوي في الحقوق وفي سنة 1978م تم تنظيم المؤتمر الدولي في (فينا) من قبل، اليونسكو حول تدريس حقوق الانسان وتوالت المؤتمرات والندوات التي تطالب بضرورة تدريس حقوق الإنسان().
ويرى الباحث أن التعليم والتوعية بحقوق الانسان خطوة لا غنى عنها لكفالة احترامها وضمان إعمالها على أرض الواقع، وإلا فكيف يتصور أن يطالب شخص بما يجهل أنه حقه! أو يلتزم آخر باحترام حقوق وحريات الآخرين إذا لم يكن يعلم أصلاً بوجودها. والتعليم والتوعية بحقوق الانسان ومضمونها وأبعادها المختلفة هما نقطة البدء لتطبيقها. وإعمالها بصورة فاعلة باعتبارها خطوة أساسية للخروج بتلك الحقوق من الحيز النظري إلى مجال التطبيق العملي مما يؤدي إلى تنمية الحس الإنساني وتعميق الوعي بها، وتعميق روح التفاهم والتعاون المشترك. لذا فتدريس تربية حقوق الانسان لابد أن يبدأ به في سن مبكرة. واحترام حقوق الانسان يرتبط باتجاهات أساسية يكتسبها الفرد منذ الطفولة بما يعني تأسيس هذه الحقوق كقيم على مستوى الوعي، والوجدان، والمشاعر وكسلوكيات عملية على مستوى الممارسة فيتكون لدينا المواطن المتشبع بالقيم الديمقراطية، ومبادئ وحقوق الانسان القادر على ممارستها في سلوكه اليومي من خلال تمسكه بحقوقه واحترامه لحقوق الغير الحريص على مصالح المجتمع بقدر حرصه على حقوقه ودفاعه عنها.
وللإجابة عن السؤال الفرعي الرابع دمج حقوق الانسان في المناهج التعليمية: من خلال المؤتمرات والندوات والتجارب العالمية والإقليمية التي تناولت كيفية دمج حقوق الانسان في المناهج التعليمية نجد تباين الآراء حول كيفية تدريس تربية حقوق الانسان فهناك من يرى أن تكون ضمن مقرر مستقل، وهناك من يعارض أن تكون ضمن مقرر مستقل لأن حقوق الانسان تناولتها مقررات مدرسية متعددة من خلال بعض الموضوعات (كالتربية الإسلامية، والتربية الوطنية، اللغة العربية) وزيادة ساعة دراسية يزيد من العبء الدراسي على الطلاب، وهناك العديد من التجارب التي حققت نجاحاً في جعل مفاهيم حقوق الانسان تدخل في الأنشطة المدرسية كالنوادي، والجمعيات الطلابية والمحاضرات، والندوات... ضمن ما يسمى (المنهج الموازي) فيتشربها الطلاب في عدة مواد وتكبر مع نمو الطلاب إلى أن تنفرد لها مواد مستقلة في المرحلة الثانوية لها منهجها وكتبها.
ويتفق الباحث بدمج مفاهيم تربية حقوق الانسان ضمن المواد الدراسية خاصة: التربية الإسلامية، اللغة العربية، التربية الوطنية، التاريخ وذلك لتلاميذ المرحلتين الأساسية (الدنيا والعليا) وعلى أن يكون هناك لها مقرر مستقل في المرحلة الثانوية ولاشك أن المعلم هو العامل الأساسي في إنجاح المبادرات الجديدة لتعليم حقوق الانسان وتحمل مسؤولية توصيل رسالة تربية حقوق الانسان وجعلها تربية عمل أكثر مما هي تربية نظر وذلك من حيث إن الغرض المتوخى فيها هو مساعدة الصغار على تفهم الحقوق والواجبات؛ بغية تطبيق مبادئ حقوق الانسان على أكمل نظام في وجودنا البشري مما يحتم على المعلمين أن يفعلوا أكثر من مجرد ترديد درس محفوظ لكي تدب الحياة في هذه الأفكار عندئذٍ يمكن للمعلمين والتلاميذ ممارسة هذه المبادئ بدلاً من تدريسها شفوياً أو محاكاتها() مما يتطلب الأمر عقد دورات تدريبية للمعلمين وتبصيرهم بأهمية وكيفية تربية حقوق الإنسان...
أما التعليم الجامعي فتدريس حقوق الإنسان في كثير من الجامعات والتي منها الجامعة الإسلامية ضمن مساق خاص مدته ساعتان أسبوعياً لجميع الكليات غايته نشر الوعي الصحيح بحقوق الإنسان وهو الشرط الضروري كي يصبح الرأي العام رقيباً يقظاً على السلطات الحكومية.
التوصيات والمقترحات
على أثر هذه الدراسة يتأكد أن حقوق الانسان في الإسلام مبدأ ديني إسلامي بمعنى أن الانسان مُكَّرَّم في الإسلام على أساس العقيدة الإسلامية، ولو انتهك الآخرون حقوقنا واضطهدونا فإننا لن ننتهك حقوقهم مقابل انتهاكهم لحقوقنا أي نعاملهم بالمثل بل يجب أن نحترم حقوقهم؛ لأن ديننا أمرنا بذلك، ومن أجل أن يتم تثبيت هذه الحقوق والواجبات؛ لتتويج هذا الانسان بأن يكون سيداً في وطنه، حراً في أرضه، مواطناً كامل المواطنة في حياته... فالأحرار هم القادرون على التفكير في المستقبل وليست هناك حرية بدون حقوق، وليست هناك حقوق لا يقابلها واجبات يورد الباحث التوصيات التالية:
أولاً: فيما يخص السياسة التعليمية:
أن تتيح السياسة التعليمية إدراج مفاهيم تربية حقوق الانسان في جميع المناهج التعليمية الفلسطينية وعلى جميع مستويات التعليم العام.
التنسيق بين وزارة التربية والتعليم الفلسطينية والجامعات الفلسطينية لتشكيل لجنة من الاختصاصين في القانون والسياسة، والتاريخ، وعلم الاجتماع، والتربية، وعلم النفس تتولى جميع مناهج تربية حقوق الانسان لتتناسب مع كل مرحلة من مراحل التعليم العام وبما فيها المرحلة الجامعية وعلى أن يتفاوت في مضمونه من كلية إلى أخرى ففي كلية التربية مثلاً يكون هناك شق يعكس مفهوم حقوق الانسان في المقررات والمناهج المدرسية في مراحل التعليم العام المختلفة؛ وفي كليات الإعلام بما يتكفل بكيفية استخدام وسائل الإعلام في تنشئة المواطن على حقوق الانسان...
إدخال مفاهيم تربية حقوق الإنسان في الأنشطة المدرسية(كالنوادي- الجمعيات الطلابية- المحاضرات- الندوات...) ضمن ما يسمى (المنهج الموازي)؛ ليتشربها الطلاب في مرحلة مبكرة يتم ممارستها في البيئة المدرسية.
تدريس تربية حقوق الانسان في المراحل الأساسية عبر المواد الدراسية وبشكل خاص (مادة التربية الإسلامية- اللغة العربية- التربية الوطنية- التاريخ) والتأكيد على أن تربية حقوق الانسان قضية وعي وثقافة إلى كونها ممارسات داخل المؤسسة التعليمية.
الاستفادة من المواد التعليمية السمعية والبصرية والوسائط الفنية (كالمسرح المدرسي) والملصقات في ترويج مفاهيم تربية حقوق الانسان.
وضع برنامج تعليمي تدريبي للمعلمين وكل الفاعلين التربويين يستهدف تعميق وترسيخ مفهوم حقوق الانسان وكيفية تربية حقوق الإنسان، واتخاذ المعلم من نفسه أنموذجاً يحتذي به التلاميذ في سلوكهم.