اهمية التغيير : قصة النسر العجوز
--------------------------------------------------------------------------------
طائر النسر المعروف بقوته وحدة بصره ورهبته، بعد أن يبلغ من العمر ثلاثين عاماً، تبدأ قوة مخالبه تضعف، وأجنحته تبدأ تلتصق بصدره فيصعب عليه الطيران لارتفاعات عالية والتحليق طويلاً، ومنقاره المدبب القوي يضعف كذلك، وإن استمرار هذا يعني هلاكه لا محالة، فلا يقدر باستمرار تلك المظاهر عليه من الصيد. فهو يعتمد على مخالبه القوية في الانقضاض على الفرائس، إضافة إلى قوة الإبصار عنده من ارتفاعات عالية.. فيكون ها هنا النسر أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الاستسلام لقدره فيموت أو يعيد تقوية بدنه ونشاطه ليعيش، إلا أن الخيار الثاني ضريبته عالية وليس خياراً سهلاً..
يبدأ النسر من بعد أن اختار الطريقة الثانية في دخول مرحلة صعبة في حياته، وعليه كما قلنا، أن يتحمل آلامها من أجل البقاء حياً. يذهب النسر إلى قمة الجبل حيث عشه، ويعيش هناك فترة لا تقل عن مائة وخمسين يوماً، يقوم بداية بكسر مخالبه بالضرب على الصخور حتى تنمو مخالب جديدة، حتى إذا ظهرت ونمت قام بكسرها مرة أخرى، وينتظر بعدها نمو المخالب من جديد التي ستكون أقوى مما كانت قبل عملية الكسر الأولى. وبالمثل يكون الحال مع منقاره.
المرحلة الأخيرة ضمن المائة وخمسين يوماً الصعبة، يقوم النسر بنتف ريشه حتى ينمو له ريش جديد. وينتظر أياماً وليالي ريثما ينبت له ريش جديد كما لو أنه في شبابه. هذا الريش الجديد يعمل على تقوية جناحه الذي لن يلتصق بصدره بعد الآن، ليبدأ النسر حياة جديدة ويعيش بإذن الله ثلاثين سنة أخرى، ويعود صياداً ماهراً ينقض على فرائسه من عل، ويمزقها إرباً بفعل مخالب حادة وقوية..
حياة النسر هذه تؤكد لنا أهمية أن يجدد الإنسان منا حياته لا ليعيش عمراً أطول، فإن الأعمار بيد الله والآجال مكتوبة منتهية، ولكن التجديد الذي أعنيه هو الإبقاء على الجسم معافى من الأمراض البدنية أولاً ومن الأمراض المعنوية ثانياً.
كل واحد منا يمر بمراحل عديدة في حياته، عليه أن يكون كالنسر في البقاء قوياً قادراً على أداء مهامه وواجباته بكل كفاءة واقتدار. فحين يشعر أحدنا بالهوان والضعف، عليه أن يتذكر النسر وكيف أنه يمر بمرحلة تجديد القوة البدنية والعقلية. علينا أن نجدد حياتنا أولاً بأول. لا نركن للماضي نتجرع آلامه ومشاكله، بل نتعظ منها ونعد العدة في حاضرنا لأجل مستقبل أكثر حيوية وأكثر نشاطاً وقوة وإنتاجا.
علينا أن نعيد التفكير بين الحين والآخر في حياتنا المادية والمعنوية. ماذا عملنا وماذا نعمل الآن وماذا نريد أن نعمل في القريب العاجل. إن وجدنا الأخطاء فلنصححها، وإن وجدنا الإيجابيات فلنقم بتعزيزها وتطويرها. وهكذا الإنسان، عليه أن يتطور ويتجدد ولا يقف عند حد معين إلى أن يأذن الله بأمر كان مفعولا..»، ولو قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها «أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، دليل على أهمية الاستمرار في العمل إلى آخر رمق وآخر لحظة وبكل كفاءة واقتدار..