يعاني العديد من الأطفال من ظاهرة التأتأة أو الفأفأة وغيرها من صعوبات النطق والتواصل مع الآخرين لمعرفة أسباب هذه المشكلة وطرق معالجتها يقول الدكتور محمد صهيب مزنوق وكيل كلية التربية للشؤون العلمية في جامعة تشرين.
التاتأة واللجلجة والفافاة والتمتمة اصطلاحات تشير إلى احد أمراض الكلام المنتشرة بين الأطفال وهي اضطراب في الكلام مظهره الأساسي هو تكرار الطفل بشكل خاص والمتحدث عموما للحرف الأول من الكلمة عدة مرات أو إطالة زائدة للحرف دون الانتقال إلى الحرف الذي يليه بسهولة، أو هي التردد في الكلام عند نطق الكلمة وتبلغ نسبة انتشار هذا الاضطراب بين الأطفال حوالي 5 بالمئة ونسبة انتشاره بين الذكور تعادل ثلاثة أضعاف نسبة انتشاره بين الإناث.
والتأتأة من مشكلات النمو اللغوي العادية التي يتغلب عليها الأطفال مع تقدمهم في السن لكنها إذا استمرت لمدة تزيد عن ستة أشهر وصاحبها توتر في عضلات الوجه تشير إلى مشكلة تأتأة .
وقد يكون سبب التأتأة عضويا تشريحيا يعود إلى عيب واضح في أجهزة الكلام والنطق أو إلى إصابة الجهاز العصبي المركزي بتلف أثناء الولادة أو بعد الولادة، أما الأسباب التربوية -النفسية التي تقف وراء التأتأة فمن أهمها: القلق وانعدام الشعور بالأمن والطمأنينة: فالطفل القلق يصبح متوترا وتوتره يجعله يتلعثم ويتلكأ في الكلام لخوفه من المواقف التي يخشى مواجهتها ومن هذه المواقف الحديث أمام شخص غريب، الحديث أمام المعلم، الحديث أمام زملائه...الخ.
ومن ثم يعتاد الطفل التأتأة ويزداد معها شعوره بالنقص وعدم الكفاءة.لذلك يقول البعض أن هذا الاضطراب إراديا ثم يصبح لاإراديا.
والدليل على سبب التاتأة هو خوف الطفل من مواجهة المواقف التي يخشاها، غياب هذا الاضطراب في بعض الأحيان وخاصة عندما يكون الطفل بعزل عن الأشخاص الذين يخافهم أو الأشخاص الغرباء.
إهانة الآباء للأبناء وتوبيخهم ومحاولة إسكاتهم عند التحدث أمام الآخرين يؤدي إلى توليد أثار نفسية سيئة من شانها أن تعيق النمو اللغوي والنطق عند الأطفال.
وبالمقابل فإن إفراط الأبوين في رعاية وتدليل طفلهم ومحاباته وتفضيله على إخوته، من شأنها أن تزيد القلق النفسي عند الطفل وتؤدي إلى معاناة الطفل من أمراض الكلام.
وتابع الدكتور مزنوق حديثه عن أساليب العلاج المقترحة:
أولا- العلاج النفسي الأسري: ويتضمن تشجيع الطفل المتأتئ على الحديث عما يجول في نفسه، وعدم معاقبته عندما يحاول الحديث والمناقشة والشعار هنا: دع الطفل يتكلم وأنصت إليه دون أن تقوم بتصحيح ما يقوله أو معاقبته حينما يتأتئ، والغاية هنا إبعاد كل ما يثير التوتر النفسي عند الطفل بدا من السخرية والتهكم وانتهاء بالمقارنة مع الأطفال الآخرين.
وقد بينت الدراسات أن لوم الأطفال وتصحيح الألفاظ لهم بشكل مستمر يزيد المشكلة تعقيدا، وبدلا من أن يقوم الآباء بالتصحيح للأبناء ينبغي أن يتأكد الآباء من أنفسهم من أنهم يتحدثون بوضوح وسرعة مناسبة.
ثانيا- التغذية الراجعة السمعية: وذلك بتسجيل حديث الطفل وصوته على شريط كاسيت، ثم يعود الطفل ويسمع حديثه المسجل عدة مرات حتى يتعرف على الحروف والكلمات التي يتأتئ بها، وهذا يساعده على التحكم في سرعة الكلام وضبط خروج الكلمة أو الحرف بشكل صحيح.
ثالثا- استعمال أسلوب "الاشراط الإجرائي": وذلك باستخدام أساليب التعزيز مع الأطفال، فعندما يؤدي الطفل الكلام بشكل سليم وبدون تأتأة يكافأ على ذلك ببعض الهدايا التي يريدها.
رابعا- العلاج البيئي: ويتضمن إدماج الطفل في نشاطات اجتماعية تزيد من تفاعله الاجتماعي بدون تأتأة مع الآخرين حتى تتاح له فرصة للتخلص من خجله وعزلته الاجتماعية.
ويبقى القول إنه من المهم جدا التأكد من سلامة الجهاز العصبي وأجهزة السمع والكلام وعلاج ما قد يوجد من عيوب علاجا طبيا أو جراحيا، أما إذا كانت أسباب التأتأة غير عضوية فيستحسن مراجعة أخصائي في معالجة اضطرابات الكلام والنطق.
وأخيرا قدم الدكتور مزنوق بعض الإرشادات التي يمكن للإباء والأمهات الاستفادة منها عدم إجبار الطفل على الكلام في مواقف يخافها أو تجعله يشعر بالضغط النفسي، بالإضافة إلى عدم تعجل مطالبة الطفل بسلامة مخارج الحروف والمقاطع في عملية النطق لأن ذلك يتوقف على مدى قدرة الطفل على السيطرة على عضلات الفم واللسان.
أيضا ومن الأهمية بكان التوقف عن السخرية من الطفل المتأتئ وعدم تعييره بطفل آخر، وعدم مقاطعة الطفل أثناء الكلام، وعدم إجهاده في التمرين على نطق كلمة معينة أو حرف معين، ومراعاة عدم مقاطعته بتصحيح كلامه، وعدم مطالبته بالتمهل في الكلام، أو معاقبته على تأتأته، مع التوقف عن منح الطفل الاهتمام الزائد أو الاهمال المتعمد.